الاثنين، 14 أكتوبر 2013

روايه اللعنة (4)





أصلح الرجل الزجاج ثم نقدته ماله و أنصرف دون سؤال ، نظر اخي لي و عينه كلها أسئله و لكن غضبه مني منعه من التحدث معي ، لست رائق مزاجياً لأحل هذا الأمر ، أما أختي فظلت تنظر لي في ترقب فلم أفهم لنظراتها سبب و لم أسألها لأن ما حدث كان مازال يشغل بالي ، ماذا أعاد أبي مبكراً من عمله ؟  ولماذا كان غاضباً هكذا ؟ لقد أغلق الباب بشده فكسر زجاجه و الباب كان متداعي بالفعل ، حدثته أمي من قبل كثيراً عن تغييره قبل أن نستيقظ يوماً و نجد أنفسنا مسروقون لأن الباب قد نزع من مكانه بسهوله .

خرجت من غرفتي وقتها علي صوت إنكسار الزجاج فوجدت أبي ينظر له بإندهاش، او بالأصح بعيون فارغه و بنظره سطحيه كأنه لا يعي كيف حدث هذا و حين سمع صوت باب غرفتي جفل ، أظنه لم يكن يظنني سأكون في البيت أو مستيقظ الأن و ظل ينظر لي لثوان بنفس نظره السمكه ثم أنتبه و عادت لعيونه نظره الغضب الكظيم وقال لي أول كلمه ينطقها منذ أمد : "صلحه" ثم دخل غرفته مجدداً و أغلقها بنفس القوه و العنف و تركني في حيرتي .

اتصلت بحسن صديقي، والده لديه محل زجاج فقلت له ما حدث و لأنه يعرف باب بيتي جيداً فتكفل هو و أحد العمال عندهم بالمحل بالأمر، و أثناء تنظيفي للأرض و كنس الزجاج المكسور والمنثور علي الأرض وصل أخوتي و سألتني أختي عما حدث و قبل أن أجيب كان حسن أرسل الرجل لتركيب الزجاج فقلت لها : "بعدين" و دخل أخي بتأفف لأبي وأخذ منه المال المطلوب بعد أن طلبت منه ذلك وأعطاني المال دون كلام وجلس في جانب الغرفه يشاهد الرجل أثناء تركيب الزجاج حتي رحل .


تذكرت ما كنت سأفعله و لكن قبل أن أنزل تمسكت أختي بأن نتغدي معاً فجلسنا علي المنضده كلنا حتي أبي مجتمعين كما لم يحدث منذ زمن ولكن في صمت و بدون أمي . أختي كانت تنظر لي من وقت للأخر و مازالت نظراتها بها كلام لا أدريه ، نظرت لها نظره طويله لعلي أفهم شئ ولكنها ظلت تنظر لي و تحولت نظراتها لنظرات رجاء أشعرتني بمدي غبائي و لم نكف عن حوار العيون الغير مفهوم ذلك الا حين وجدنا أبي و أخي ينظران لنا بدهشه في البدايه ثم عادت نظرات أبي لغضبها السابق و غادر المنضده في حنق لم أفهم سببه فشكرت أختي علي الطعام – مما أدهشها – و لكني شعرت انها تعاني بدون امي و بغضب أبي و غيابي و رعايه اخي فقررت في نفسي ان احدثها و أفهم منها ما كانت تريدني أن اعرفه دون كلام و اسألها أيضاً إن كانت تذكر الصورة التي وجدتها ولكن حين اعود من مهمتي التي تأجلت هكذا كثيراً و أنا لا أدري أو اضمن اي شئ هناك بعد ، فساعدتها في إدخال الأطباق للمطبخ و دون العودة لغرفتي المقلوبه تركتهم و رحلت في عجل .

..............................................



دخلت شقه عمتي في هدوء ، كنت أتسلل علي السلم كاللص الخائف من ان يراه أحد ، لم أرغب في أن أقابل أحد و يسألني عن سبب مجيئي ، بالرغم من وفاة عمتي . و مع ذلك قد حضرت الأجابه مسبقاً و هي "لكي أأخذ بقيه أشيائي من المنزل" و الجيران كلهم يعرفونني و يعرفون أنني كثيراً ما كنت هنا فلن يشككوا في حجتي ، ومع ذلك تمنيت الا يراني أحد . الشقه شبه مظلمه ولا يكسر حده الظلام سوي شعاع الشمس الغاربه المقتحم بشكل خجول متسرسب من بين ثنيات خشب ضلفات نافذة الصالة وكاسر لظلام المكان و محوله لغرفه بديعه دافئه ذات اضواء برتقاليه و صفراء و حمرء داكنه خفيفه مرسومه بفن علي الأرض و الحوائط المواجهه للنافذة ، هل تدركين أيتها الشمس ان حرارة لافحه مثلك -او اقل منك اكيد ولكن ليست واهنه- احرقت صاحبه هذا المنزل و الأنسانة الأقرب إلي من أهلي ؟ الا تشعرين بالخجل فتلمي خيوط شعاعك عن هذا المنزل و تتركينه لظلامه و برود فقدان صاحبته ؟ نزعت نفسي من أشجاني بصعوبه لأستغل الضوء الباقي لوقت قصير في مهمتي – وهي أكيد أهم من أشجاني – خوفاً أن يحل الظلام فأضطر لفتح نور يكشفني أو الأستعانه بضوء كشاف اشتريته في طريقي أحتياطاً و لكني أشك بمقدرته علي مساعدتي فلم أكن لصاً او شبل كشافة من قبل لأتعلم التكيف مع ضوء ضعيف ، و خاصة في عملية بحث . لاحظت اضاءه خفيفة مشابهه لما في الصاله في غرفه الاطفال التي طالما نمت بها ولكن لم أهتم لدخولها لإغلاق النافذة بإحكام خوفاً من الذكريات و أن أدفن نفسي أكثر في أشجاني و شوقي لعمتي .

كالعادة أعرف طريقي فقد عشت في هذا البيت أكثر مما عشت في بيت والدي ، عمتي تضع كل اوراقها الهامة في صندوق كبير فوق دولابها القصير ، حذرتها من قبل من احتمالية ان يتأكل وحده او بواسطه فئران فضحكت بشده وقتها وقالت انها لا يوجد فئران في بيتها و انها تضعه في ملفات بلاستيكيه و تغلقه بإحكام ، و لم تدعني اراه عن قرب أبداً أو أساعدها في اضافه اوراقها إليه . جذبت كرسي التسريحة الصغير ووضعته بجانب الدولاب لبعده عن السرير و صعدت عليه لأجد شتي الصناديق فوق الدولاب، والعامل المشترك الوحيد بينهم هو التراب . حاولت جذب احدهم ولكنه شديد الثقل ، كيف لم يكسر هذا سقف الدولاب و يسقط علي الملابس ، تخوفت من أن اجذبه بشده فيختل توازني علي الكرسي الصغير واسقط ويسقط علي و مع هذا الثقل لن اندهش بوجود تلفاز قديم او مكنسة كهربائيه قديمه بداخله ، حاولت مع الصندوق الذي بعده ولكن بمجرد ان حركته سمعت صوت كأصوات فناجين تتراقص فتصطدم برفق في بعضها دون ان يصل اصطدامها هذا لحد الكسر ، حاولت ان اجرب حظي مع الصندوق الثالث ولكنه كان بعيد عني وثقيل قليلا فلن يسعني من مكاني هذا ان احمله بتحكم فكان علي النزول لتحريك الكرسي قليلاً ولكني لحمقي تكاسلت فتشبثت في طرف الدولاب و رفعت رجلي من علي الكرسي لأحمله بهم و ازيحه قليلا ثم أعود اليه ولكن شتان بين وزني قديماً و الأن فهتز الدولاب للأمام وكأنه سيسقط فوقي بحمله من الصناديق التي اصدرت صوتاً مكتوما ًلتحركها و صدمت - من المفاجأة-  دون قصد الكرسي بقدمي اليمني المطوحه في الهواء لتعلقي فأسقطته علي جانبه فلزم علي ان اترك الدولاب و اقفز حتي لا يسقط فوقي .


نزلت علي الأرض و المتني قدمي قليلاً و لكن ذلك افضل من الفضيحه التي كانت ستحدث لو سقط الدولاب ، وحمدت الله ان صوت تحرك الصناديق فوقه و اهتزازه لم يكن ليُسمع أحد خارج نطاق الشقه ، وضعت الكرسي في المنتصف امام الدولاب وعدت لأدفع الصناديق وأعيدها لمكانها و لا اظن ان التراب الذي تناثر منها للأرض سيثير أي من يدخل المنزل مستقبلاً فالمحققون أنهوا عملهم ومؤكد سيزيد عليه الكثير حتي يدخل احد للبيت سواء ليؤجره او يعيش فيه من العائله . دفعت الصندوق الاول لأعيده بقوه لثقله و الثاني برفق حتي لا أكسر ما بداخله والثالث كان ثقيل ايضاً فدفعته بقوه و صرفت نظر عن كونه يحوي أوراقاً أما الرابع فكان صغير و ثقيل قليلا ولكن رفض للدخول للأخر .

 في البدايه حين لاحظت كونه علي طرف الدولاب رغم صغره ظننت ذلك لقصر عمتي فهكذا يكون في المتناول اسهل ولكن الأن فهمت ما خفي عليّ، لقد كان يخفي شيئاً خلفه ، لذا نزلت من علي الكرسي ووضعت الكرسي في مواجهته علي الأرض وصعدت فوقه حتي أتمكن من السيطرة بالكامل من الصندوق الصغير الثقيل و أنزلته للأرض لأجد خلفه علبه قديمه سوداء قطيفة متربه و ضخمه قليلاً تشبه العلب التي كانت تضع فيها النساء قديماً مصوغاتهم ، أهل هذا المكان التي رأته عمتي الأنسب لأخفاء مصوغاتها ؟ و هل لهذا لم تدعني اساعدها لنقل اي شئ من او الي مكانها السري فوق الدولاب ؟ هل لم تكن تأتمني؟ كنت سأنزل غاضباً لولا اني لاحظت طرف ورقه يبرز من جانب العلبة لذا نحيت ظنوني كلها وجذبت الصندوق و جلست علي السرير جهه الشباك لألحق شعاع الضوء الأخير للشمس حتي لا أضطر لأخذ الصندوق معي ، فتحته في رفق فوجدت أكياس ملفوفه علي أوراق بداخلها ، سمعت صوت خفيف لحركه باب لا ادري اتيه من اين ؟ ربما باب شقه الجيران او الهواء حرك احد ابواب الشقه ، لن اجعل اعصابي في مهب الريح ، نظرت للأكياس مره اخري فأخرجتهم من العلبه و هالني ما رأيت .

 الكيس الأول يحتوي ورق و الثاني يحتوي صور مربعه بأطارين الأول أبيض و الثاني الخارجي اسود كصور كانت تخرج من كاميرات فورية قديمه ، و الكيس الثالث و الأخير وما فاجاني بشده يحوي أظرف حمراء مثل الذي وجدته في غرفتي . قبل أن افضه سمعت صوت تكه زر و أخافني قربها فأخذت الاكياس ووضعتها بجيبي و قبل ان أغلق العلبة القطيفه لاحظت خاتم ودبله في كيس صغير اخر ولكني لم اقربهم فليست السرقه شيمي ولو ارتبطت تلك الحلقتان باللغز الذي اعيش به .


كان ضوء الشمس قد زال تقريباً لذا اعدت بصعوبة كل شئ لمكانه ، العلبة و امامها الصندوق وكرسي التسريحة وانتبهت بصعوبه أكثر لأن تكون خطواتي كلها فوق السجاده ولم اقرب التراب المتناثر علي طرف الدولاب حتي لا اترك اي اثر و خرجت في هدوء من الغرفه و ورابت بابها ولكن وجدت ان باب غرفه الاطفال مفتوح علي مصرعيه وهذا اكثر مما كان حين جئت ، فأذا اسلمت ان الهواء حركه فما سبب النور الخفيف الذي يخرج من الغرفه وكأن الليل لم يحل ، أقتربت بحذر وانا اعلم بخطأ وحمق ما أفعله ولكني لم أمنع فضولي وحاولت ان انظر بخلسه لأستبين ما بالداخل ولكن فاجأتني يد قوية دفعتني للحائط الذي اختبأ خلفه وفي الظلام لم أتمكن من معرفة صاحبها .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق