الأحد، 18 ديسمبر 2016

الغاية الأسمى




الغاية الأسمى 





العلم للعلم، الفن للفن، شيء ما لشيء ما، لطالما سمعت تلك الكلمات من قبل ولكن لم أبال بها، خاصةً أن من يستخدم موضوع الفن يكون "في مجتمعنا" لا يعني سوي تبرير الإباحية، رأيت بالخارج أن هناك من يستخدم جملة الفن للفن لأفلام لا تسعى للمهرجانات أو المكاسب المالية، فقط وصف قصةٍ ما بشكلٍ إبداعي ما، وعموما هذا النوع نادر أيضا بالخارج. نعود لموضوعنا، من عدة مشاهدات لتجارب يابانية وقراءة معلومات عن واقعها الحالي، بغض النظر عن سياستها التي لم أهتم بمعرفتها أو بمعرفة مدي اتفاقي معها أو رفضي لها، إلا إنني وجدت أن تلك البلد أنحت تاريخها القديم جانباً، بمزاياه وسلبياته وبدأت تهتم بعنصرٍ هامٍ جداً ألا وهو الإنسان، او بالأصح الإسانية، فأصبح جامُّ انتاجها الثقافي والفني والتربوي والتعليمي والعلمي يصب في بوتقة واحدة وهي الإنسان، وهذا شامل كرامته وتقدمه وقيمه وراحته وغيرها، ربما نختلف معهم في تجاهل معظمهم المقصود للرفاهية والتمتع بالحياة ونعيمها والانكباب علي العمل بشكل مبالغ فيه، ولكن علينا كذلك أن نحترم قرارهم واختيارهم هذا. في مسرحية (الجوكر) لمحمد صبحي كانت هناك مزحة حين سأل عن زميلته البكماء فأجابوه بأنها تتحدث في الهاتف، بعد عدة سنوات في الفيلم الأمريكي (بابل) كان هناك من الأبطال فتاتان بكماءين يتحدثن بلغة الإشارة في اتصالٍ مرئي علي هواتفهم النقالة. أي ما كان مُزحةً بالأمس تمكنوا هم من توظيف العلم لمعالجته اليوم وتسهيل الحياة على مواطنيهم بكافة حوائجهم. لا أقول أن اليابان بلدٌ مُنزهة، بل إن هناك عيوباً كذلك بالتأكيد، ولكن الأكيد أنني سعيدةٌ بتجربتهم الحالية تلك في دعم الإنسانية وأتمني أن نتعلم منها ما دمنا تجاهلنا أو أهملنا تعاليم أدياننا التي تحث علي الرحمة والتكافل والاجتهاد.



الأحد، 29 مايو 2016

المائة هي .. الغاية أم الوسيلة ؟



 المائة هي



        حين يعنون مقالاً بشيءٍ متعلقٍ بالغاية والوسيلة تقفز في الأذهان مقولة "الغاية تبرر الوسيلة"، ومن البداية أُطَمئنُكَ بأن الكلامَ الآتي ليس عن تلك المقولة، كما أني ضد هذا الكلام كمبدإٍ في الحياة، فلا منطقَ في أن أسرقَ لأحج أو أتبرعَ لمساعدةِ المساكين. ونحن بالتأكيد لسنا (روبن هود) لنسرقَ من الأغنياء ونتعفف عمَّا جنيناه من جريمتنا تلك، ثم نغدق بهذا المالِ الملوث على المنافذ الخيرية لا أكثر. 


كانت هناك مزحةٌ تقول " اشتكى شخص لصديقه من الأرق فنصحه الأخير بالعَدِّ إلي مائة وهو علي الفراش، ففعل بطلُنا ذلك بالفعل، ولكن حين وصل للخمسين شعر بالنوم يهاجم جفنيه، فصنع لنفسه كوبَ شاي ليُكمل العد". ربما تضحك أو تسخر من تلك المزحة، ولكنها حين قيلت لي وفكرت بها وجدتها تطرح بداخلي سؤالاً محيراً. 


هل يمكن أن تنشغل بالتفاصيل لدرجة أن تنسى الهدف؟

 
للاسف حدث بالفعل، تأمل من حولك، ستجد أن الأمر تفاقم بشكل مخيف، كيف يتحول شخص سعى لكسب المال - لحياة كريمة - إلي شخص طماع جشع لا تشبعه أموال الدنيا مهما تكتلت لديه وغيرت مسار حياته، أو إلى بخيل مقطر يرى ما يجمعه هو كنزه الذي لا يجب أن يفرط به لأي سبب كان، ولو أدى ذلك لمعاناة من حوله وفي رعايته، أو مجرم لا يتوانى عن السرقة أو النشل أو النهب أو الاختلاس أو حتي القتل لزيادة رصيده بالبنوك، أو حمايته ممن يهدده به. 


وبعيداً عن المال تَرى الشبابَ الذي يعاني من الفراغِ المستمرِ يُقْدِمُ علي الشبكة العنكبوتية ليلتهيَ بها وفيها عن واقعِه المُزري، أو المُحبِط، أو الممل، فيفقد نفسه وعمره وأيامه ويقضي سنوات لن يعرفَ قيمتَها أو فداحةَ ما خسره بخسارتها إلا بعد أن يَخُطَّ المشيبُ فودَيْه. وهذا الذي يُدمنُ مسابقاتِ المكسبِ السريعِ بعد أن أغرته في تحقيقها له غايته، فأدمنها هي ذاتها، وهي لا رجاءَ منها بالحقيقة. وهناك عشراتُ الأمثلةِ الأخرى التي ينطبق عليها نفس الموقف. المشكلة الآن - ببساطة - ليست براءة الوسيلة مِن دَنَسِها، بل أصبحت المشكلةُ هي إدمان الوسيلةِ ذاتِها مع فقدِ الغايةِ أو نسيانِها، لذا هل تدري الآن: هل كانت المائةُ غايةً أم وسيلة؟


الثلاثاء، 10 مايو 2016

في البحر موجة بتصقف





في البحر موجة 




مصر يا امّة يا سفينة.. مهما كان البحر عاتي .. فلاحينيك ملاحينيك .. يزعقوا للريح يواتي .. اللي ع الدفة صنايعي .. واللي ع المجداف زناتي .. واللي فوق الصاري كاتب .. كل ماضي و كل آتي ...  


الله يرحمك يا عم نجم كنت تكتب رغم الجميع.



حين كتبت مقالي عن الإنسانيه وجاء موعد نشره رافق ذلك إعلان المشير السابق "عبد الفتاح السيسي" عن إعتزاله عن منصبه العسكري ونيته في ترشيح ذاته للرئاسة. وبغض النظر عن موقفي من هذا الأمر الذي قد يعترضه البعض ويوافقه غيرهم وينتظره أخرين للمزايدة عليه أو تقييمي والحكم عليّ من خلاله.


لن أفيدك في كل الأحوال فأنا أري أن رأيي السياسي في هذا الحدث وما تبعه من تطورات وتدهورات رأي شخصي لي ولن أجادل بشكل عبثي في نقاش معك لأثبت صحه وجهه نظري، فلن اكسب شئ إن أقتنعت برأيي ذلك،  ربما هذا مقال رأي ولكني لن أترك كل مشاكل البلد لأناقشك في أمر سياسي محل إختلاف مؤخراً، وهذا رأيي كذلك في العمل الإعلامي فعلي المذيع أو الأعلامي أن يساعد المشاهد او المتلقي في فهم الصوره وتركه يحدد موقفه لا أن يسقيه ويطعمه عنوة رأيه الشخصي. كما أني ممتعضه جداً من الأتجاه الإعلامي السائد الأن في مديح شخص بعينه سواء لمحبه صادقه له – بأفتراض حسن النية – أو لأنه في منصب يمكنه من قطع لسان كل من يتجرأ ويعترض. وأنا في كل الأحوال لا أبال بركوب الموجه مهما أضطرتني الظروف أو طُلب مني بسبب مناسبه ما أن يكتب قلمي أمر بعينه. هذا بجانب تجنبي المتعمد للكتابة في السياسة مؤخراً لأنني لست بمنجمه بما سيحدث ومندهشه مثلكم من بعض الأحداث ورافضه غيرها وغاضبة كثيراً لفيض الدم المصري المهدر بسبب التحيز لأي من الجهات.


نعود لموضوعنا مجدداً من فضلك، مؤكد تسألني الأن بما أنني رافضه للتحدث في السياسة ورافضه الإعلان عن رأيي الشخصي في أمر علي الساحة ورافضه أن أركب موجة التـ ... أحم موجة ما، لماذا أشغل وقتك بقراءة كلماتي فأبتسم وأنا أذكرك بمشهد الخواجة بيجو في فيلم عروس النيل وأقتبس منه قائلة:


-         انا جاي اقولكم متعملوش حسابي فالشغلانة دي.


لا تغضب أرجوك فأنا أضحك معك، فهذا كل ما يملكه، من سأم عبث الواقع الحالي وقرر يترك تلك السفينة وهو يدرك انه لا بدائل ولن يسمع في لحظاته الأخيرة سوي صوت العندليب قائلاً "إني أغرق أغرق أغرق".




الاثنين، 8 فبراير 2016

رواية اللعنة (8)


 


دخل أحمد المنزل فلم يجد الحال قد اختلف عما تركه، أمه  تبكي وأخته تهدئ من روعها وأبوه يتصل بكل المستشفيات يسأل عنه، أحمد كان منهكاً بعد أن دار على كل الأقسام التي حول المستشفى وبيته بل و دار حول المستشفى كثيراً لعدة أيام لعله يجد أي خيط يستدل به على أي طريق ولكن بلا جدوى.

قبل أن يجلس دق الباب فتوجه له يجر قدميه كمن يحمل أثقالاً وفتح بابه ليجد الشتيتين سعد وحسن الذين تعارفا من خلاله في الأيام السابقة، حتى الآن لم يبتلع بعد موضوع أن حسن أخاه ولكن انشغاله باختفاء أخيه الحقيقي الصغير منعه من رفض أي مساعدة إضافية.

رمق الأب حسن ثم أغلق الهاتف بعنف ودخل يكمل اتصالاته من غرفة نومه، أحمد كذلك لا يبتلع سلوك والده مع حسن والمفترض  أنه ابنه البكر .. إقترب حسن من الأم وظل يواسيها مع ندى بينما سعد توجه للكرسي الفارغ وجلس عليه. عشرات الأسئلة تطن في ذهن أحمد ولكن لا يملك إجاباتها ولا الجرأة ليسألها لأي أحد الآن .. هناك شيء مخفي فأمه وأخته وأبوه تقبلوا دخول حسن لحياتهم بكل أريحية وكأنه أمر عادي أن يظهر غريب ويعلن إنه قريبهم بدرجة مباشرة .

أحمد ما زال غاضباً من سعد لرحيله وقت اختفاء أخيه بعدما تركه في رعايته وليس في رعاية أبيه كما أن سعد لو غضب من أبيه كان كلم أحمد قبل أن يرحل هكذا.. أليس هو من وصى قبلها أن  يكون متمهلا مع أبيه و أن يتحلى بسعة الصدر، ولكن من يملك الآن في تلك الأزمة العتاب أو الاعتراض على أي شيء ؟

حتى هذا الحسن ذا العيون الباردة كالمحيط يتعامل وكأنه في بيته.  نظر لأمه الباكية وحسن وندى المحيطين بها من الجانبين فوجدهما يؤكدان لها بشكل واثق غريب أن عادل سيعود ولكن عليها التماسك ليحدث ذلك.


شعر أحمد كأن  كل شيء أصابه الجنون فأشار لسعد بعينه تجاه غرفته فتركا الصالة في هدوء ودخلا الغرفة وأغلقا بابها في هدوء لا داعي له لأن لا أحد انتبه لهما.


.................................................

توقف عادل قليلاً عن البكاء بعد أن أتعبه بلا أي جدوى ليستعيد طاقته لكي يواصل البكاء مجدداً بعدها .. كانت يديه مقيدة خلفه وتؤلمه لأنه جالس على الأرض وظهره مستند على أحد الجدران بشكل غير مريح. وكان أيضاً معصوب العينين ولكن ليس مكمما .. جرب أن  ينادي أحداً، يصرخ، يبكي، يتوسل ولكن بلا جدوى فعلم أنه وحده في مكان مجهول مهجور من هذا الصمت المميت من حوله فبكى كثيراً حتى تعب ونام عدة مرات بعد إرهاقه من البكاء المستمر ثم قرر أن يستريح قليلاً من البكاء. وقتها فقط صدمه ما حدث فقد وجد ماصة تُدفع برقة في فمه خاف في الأول فأغلق فمه بشدة ثم سمع بدون صوت امرأة تأمره بالاستجابة بمودة فاستجاب لظمئه وجوعه ووجد أنه يمتص عصير مانجو لذيذ الطعم فشرب الكوب الكبير في دقيقه ثم استجاب للقمات خبز مغموسة في العسل الأبيض شهية فأكلها بلا أي اعتراض حتى شبع فقال في وداعة:
-                     كفاية شبعت.
ثم صمت قليلاً و أكمل كلامه:
-                      انتى مين .. و ازاي أنا سامعك من غير صوت ؟
فشعر بلمسة حانية لجبينه ثم سمع خطوات ترحل فهتف منادياً بلا أي نتيجة، حاول أن  يتملص من الحبال المقيدة يده أو قدمه فلم ينجح فهتف مجدداً :
-                     لو انتي طيبة فكي إيدي، دراعي واجعنى قوي
ولكن لم يسمع أي رد ولا حتى صدى لصوته فيأس وابتسم لشبعه ثم انحنى على جانبه وترك جسده يسقط مجاورا للحائط واستسلم لنوم أحن عليه مما سبقه.

.....................


نظرت الأم لباب غرفة أحمد وتأكدت أنه مغلق ثم استنشقت شهيقاً عميقاً وتوقفت عن البكاء ونظرت لباب غرفة نومها الجالس بها زوجها لتتأكد من أنه مغلق كذلك ثم نظرت لحسن وأمائت له بالجلوس في المقعد بجانب ندى ففعل فقربت رأسها منهما وبدأت تتحدث بشكل هامس فشاركاها الحديث بنفس الشكل.
-       إنتم متأكدين  أنكم هتقدروا ترجعوا عادل ؟
-      ندى:  إنت شاكة فينا يا ماما ؟
-      الأم : لأ ..  بس  انت بقالك كتير ممنوعة.

ثم نظرت لحسن وقالت بشيء من الذنب واللوم الخفي .
-      الأم: وما عرفش حسن وصل لإيه و خايفة انفعاله يئذي حد زى ما حصل لي.
-      حسن: و الله يا ماما دا حصل غصب عني وما حصلش قبل كدا معايا خالص.
-      الأم:  أنا عارفة.
-      ندى: سيبيها علينا بس وعادل هيبقى معانا بس إهدي و اشغلي بابا شوية .
-      الأم: هو ما بيروحشي الشغل ليه صحيح ؟
-      ندى: ما اعرفش يا ماما .. هو مش طايق كلمة من حد أصلاً من يوم ما تعبتِ
-          حسن: هو بابا بيشتغل إيه ؟
-          الأم: هو أنس مقالكش ؟  
-          ندى:  أنس مين ؟
-          حسن: كان  مشغول على طول.
-          الأم: هو عامل إيه ؟
-          ندى:  أنس مين ؟

رن جرس التليفون فأوقفهم عن الكلام و لكن لم يطل الرنين مما نبأهم أن أحمد أو أبوه قد رد من تليفون الغرفة .. صمتا منتظرين أي رد فعل أو باب يُفتح و لكن طال الصمت فعادا للكلام:

-               الأم: طيب فهموني إيه اللي في دماغكم ؟
-               ندى:  أنا هاوصل لمكانه
-               حسن: و أنا هاتعامل مع اللي خطفوه
-               الأم: خد بالك ان أحمد عمل بلاغ والشرطة أكيد هايبقى ليها تخطيطها هي كمان وما ينفعش أي اصطدام معاهم ، انت عارف حساسية موقفك .
-               حسن: فاهم ..  بجد يا ماما انا حزين من اللي عملتيه فيا انتي وعمي ولولا انه حكالي كل حاجة ما كنتش سامحتك ... بس بابا مش هاسامحه أبدا.
-               ندى: هو انا ليا اعمام غير عمتي آمال يا ماما ؟
-               الأم : هاحكيلك بعدين.
-               حسن: انتم ليه مش معرفين أحمد حاجة ؟ 
-               الأم: لا هو ولا عادل، هو نسّيته من زمان وعادل مفهماه انها مش اكتر من ذكاء انه يقرا أفكار اللي حواليه ومانعاه عنها بحجة انه عيب كأنه بيدخل حمام علي حد بس ساعات بيسألني وبألف في حاجات طفولية علشان يقتنع بيها .. أبوك عامل حظر وآديك شايف اللي حصل لك .. لولا إن ندى معايا كنت هاطق .. دا حتى عمتك آمال اتمنعت أزورها.
-               حسن بخبث: هو يقدر يمنعك ؟
-               ابتسمت: لأ طبعاً بس لو عرف اني عملت كدا الله أعلم كان نتيجتها هتبقى إيه ..  انت عارف الموضوع صعب أصلاً و ما فيهوش ضمانات .

ابتسمت ندى بفهم متأخر فكادا أن يضحكا عليها لولا توتر الجو العام .               

.....................

وقف أحمد بجانب نافذة غرفته ينظر للشارع بعيون فارغة بينما استلقى سعد على سريره مغمض العينين. يلتف أحمد وينظر له ويقول بهدوء :
-       انت نمت يا سعد؟
-      لأ  لسة
-      تفتكر اللي خطف عادل كان عايز حاجة معينة ولّا مجرد صدفة ؟
-      هي الصدفة وصلت في مصر للخطف ؟
-      لأ مش قصدي .. بس البلد مش أمان وبنمشي نلف حوالين نفسنا أصلاً
-      بلاش مبالغة يا أحمد ..  أنا هنا في مصر بقالي فترة ولسة ما اتسرقتش ولا اتخطفت زي ما بتقول.
-      نرجع تاني للأهم .. طبعاً انت ملاحظ أن كل حاجة اتقلبت من يوم وفاة والدتك .

يتجهم سعد فيصمت أحمد وبعد دقيقة يقطع سعد هذا الصمت :
-               كمل يا أحمد
-                أنا آسف
-               و  انت ذنبك إيه .. عمرها بقى .. الله يرحمها .
-               الله يرحمها .. اللي أقصده من ساعتها بتحصل حاجات غريبة، مرض أمي، سكوت بابا، عفريت العلبة حسن اللي اكتشفت في يوم وليلة انه اخويا الكبير والكل عارف وأنا العبيط الوحيد اللي هنا وآخرتها عادل يتخطف .. حتى موضوع خطفه دلوقتي بالذات محيرني .
-                انت مش ملاحظ إنك بقيت شكاك قوي يا أحمد؟
-                انت مش شايف انت كمان إن  كل حاجة غريبة ؟ حتى موت والدتك ماكانش طبيعي ،  انت ازاي بتتعامل مع الموضوع بالهدوء دا بعد كل اللي  أنا شفته و حكيتهولك .
-               طيب نمسك الخيط من الأول .. إيه ملاحظاتك من وفاة ماما ؟
-               الموت ماكانش طبيعي .. جارتها قالت أنها كانت بتكلمها في التليفون طبيعي وبعدين .
-                انت بتسمّع يا أحمد؟ ..  أنا عارف الحدوتة .. وبعدين .. عايزنا نعمل إيه دلوقتي ؟
-               أحمد بيأس: مش عارف .
-               طيب تعالى نروحلها دلوقتي .
-               لأ طبعاً .. مش في وسط مشكلة عادل .
-               رجعنا لنقطة الصفر .
-               سعد انت المفروض تساعدني مش تحبطني ..  أنا على آخري .


ينظر أحمد إلى سرير عادل ثم ينهار في البكاء فيحتضنه سعد بشكل تلقائي صامت لثوان ثم يوقف أحمد بكاءه بصعوبة ويتمالك أعصابه ويبتعد عن سعد وهو يعبث في جيبه بحثاً عن منديل فتصطدم يداه بأكياس بلاستيكية فيخرجها ويتذكرها ولكن قبل أن يفتحها يسمعا جلبة خارج الغرفة وصياح عال وصراخ فيتركها علي المنضده ويهرعا خارج الغرفة ليجدا والد أحمد " رؤوف" يخنق حسن وهو فوقه بعد أن أسقطه علي الأرض ويصرخ فيه بعنف بجملة واحدة و يعيدها والأم تحاول إنقاذه منه وندى تبكي وهي تحاول ولكن بوهن وحسن مستسلم له بطاعة غريبة بينما رؤوف في قمة غضبه ووجهه  شديد الانفعال والاحمرار وقد أغرقه العرق والدموع واللعاب وهو لا يتوقف عن الصراخ بهستيرية قائلاً :


-                     قتلت أبوك يا حسن .. قتلت  أنس .