الاثنين، 15 أغسطس 2022

نورسانتي - الجزء الأول

(1)



رفع رأسه ببطء وهو يتأوه، بصق شيئاً شعر به بفمه ممزوجاً بسائلٍ ظنَه لعابَه حتى رآه على الأرض بجانب جسده المسجيِّ على الرمال البيضاء، كان أحد الضروس مكسوراً ومختلطاً بالرمال والدماء. تحسس بلسانه أسنانَه ليعرف مكانه لعجزه عن تبين مكانه استدلالاً بالألم، فكل وجهه وجسده يؤلمانه بشدة.


اعتدل جالساً ونظر حوله، ففزع حين رأى أنه في مكان مقفر لا يوجد به سواه، فلاة ممتدة علي مرمى بصره، حاول الوقوف ولكن ساقه اليسري لم تُعِنه، بل على العكس زاد توجعُه منها على بقية الجسد بشكلٍ لفت نظره لتخضب بنطاله بالدماء، فرضخ وعاد للجلوس جاهلاً ما يمكن أن يقوم به أو يساعده في الورطة التي وجد نفسه فيها.


حاول أن يهدأ ويتمالك أنفاسه كما نصحته أخته عفاف مراراً، كان لتذكرها طيب الأثر عليه، ولكن ما مرت ثوانٍ حتى زال الأثر لتذكر ما يرتبط بها ويؤلم، تذكَّرَ أنها رحلت وتركته رغم علمها بأنه يتيمٌ دونَها بعد وفاةِ والديهما منذ عقدٍ مضى، تذكر أنها لم تعد موجودةً في حياته سوى مجرد ذكرى شديدةِ العذوبةِ والشجن، تذكر أنها غابت عنه وتُوفيت نتيجةً لوباءٍ اكتسح العالم فغفل عنه وهو غير محتاطٍ صحياً في تعاملاته اليومية، وأصابها هي التي لم تغادر بيتَها منذ اقترنت بـ(سامح). (سامح) .. هذا اللعين.


كان تذكُّر هذا الشخص أمراً بغيضاً لم يتمنَّه في هذا الوقت وهذا المكان، ولكنه كان خير وسيلة ليتذكر كيف أتى إلى هنا وأين هو.

للمتابعة