الخميس، 5 أبريل 2018

رواية اللعنة (9)













جرى سعد وأحمد نحو رؤوف ونزعوه بصعوبة من فوق حسن، وأجلسوه على أقرب كرسي فأكمل بكاءه ونشيجه وهو يشهق بعمق وعنف وصعوبة جلسا بجانبه مجهدين بينما انحنت الأم على حسن تتأكد من بقاءه حياً ثم تنفست الصعداء واحتضنته وهما جالسان على الأرض بينما بدأت ندى تهدأ وتتمالك أنفاسها وجلست على الأريكة منهكة وظلوا صامتين جميعهم حتى أنهى الأب بكاءه و اعتدل حسن وأسند ظهره على الجزء الأسفل من الأريكة بجانب ساق أخته وجلست أمه  بجانبه بعد أن هدأت كذلك.

وجه الأب الكلام لحسن ودار الحوار بينهما بينما الجميع صامت يتابعهما بهدوء والأم صامتة بغضب بينما تظهر الحيرة علي وجهي أحمد وسعد اللذين فاجأهما الحوار بشدة:

-      عايز إيه يا حسن منا بعد ما قتلت أبوك ؟
-       أنس مش أبويا و أنا ما قتلتوش
-      كداب
-      مش هتقدر تكدبني بعد كدا
-      نعم ؟
-       أنا رحت المستشفى قبل ما اجي مصر ومعايا الدلائل اللي تثبت بنوتي ليك انت
-      والكلام دا ما ظهرش قبل كدا ليه ؟ ولا انت كنت مستني لغاية ما يموت أنس علشان ما يكدبش بنفسه اللي انت بتقوله ؟




-      عمى أنس أحن وأحسن منك بكتير وبجد كان نفسي يكون هو أبويا ويعيش مع أمي، كتر خيره أواني لما انت بعتني وعمره ما حسسني انى مش ابنه، بعد ما عرفت دا وهو حكالي لما سألته، ما كنتش اقدر اجرحه بتمسكي بيك بعد كل اللي عملته فيا انا وأمي.
-      كداب .. و غصب عنه كان لازم يعمل كدا .
-      مش معنى ان الكلام مش على هواك هتكدبه .. إسأل ماما و هي هتأكدلك.
-      أمك الوحيدة اللي مالهاش إنها تنطق في الموضوع دا أبداً.

نظر حسن بغضب لأمه الصامتة ثم لإخوته الصامتين وخرج من باب الشقة غاضبا وصفقه بشدة خلفه وآخر ما قاله قبلها كان  :

-            أنا هاثبت لكم ان حياتكم هي اللي كلها كدب .

نظر أحمد لأبيه وأمه الصامتين وهو لا يصدق ما سمعه ثم بشكل تلقائي ركض نحو الباب منادياً حسن وركض سعد ليلحق به وخارج الباب وجد حسن قد وقف فعلاً ينظر لأحمد بغضب وأحمد غير قادر على ترتيب كلماته لتخرج بشكل صحيح .

-           بابا .. أخويا .. ماما .. إزاي ..  أنس .. مين .. فين

توقف برهة و قد هدأ حسن  قليلاً وابتسم لتلعثم أحمد فقال بهدوء :




-                أمك و أبوك مخبيين كتير عليك، وانت اللي دفعتهم لدا من قبل ما توعى لو عرفت تخرج منهم بحاجة هتفهم كتير ولو ما عرفتش كلمني، هتلاقي رقمي مع ندي .

ثم تركهما و نزل الدرج و هما واقفان في مكانهما وبعد ثوان عادا للمنزل فوجدا الأب دخل غرفته كالمعتاد ولكن في لحظة دخولهما سمعا صوت إغلاق باب الغرفة بالمفتاح من الداخل وهذا ما لم يحدث من قبل وفهمت الأم أنها تعتبر مطرودة من غرفتها تلك الليلة وعليها أن تنام مع ندى في غرفتها، وهذا أضاع على أحمد أي فرصة للتحدث مع أخته بانفراد، ولا يرى أنه قادر على مناقشة أمه  في أي شيء حتى يعود عادل.


أشار أحمد لسعد فدخلا غرفة أحمد مجدداً وجلسا في صمت لثوان ثم بدأ سعد بالكلام.


-           حسن أخوك بس أبوك مش معترف بيه وشايف انه ابن أنس و انه قتله أو استني موته علشان ييجي يرمى بلاه عليكم .
-           مين أنس ؟
-           مش عارف .
-           حسن غريب من أول مرة شوفته .
-           تفتكر علشان كدا لقينا ليه صورة وهو صغير مع أهلنا ؟




-           صح ..  انت كدا بدأت تربط الخيوط .. عايز أسأله بقى معنى الكلام اللي كان في الورقة اللى سابها لي
-           هي فين الورقة دي دلوقتي ؟


قام أحمد و فتح دولاب ملابسه وبدأ يعبث في جيوب سراويله حتى وجد الوريقة ثم عاد للجلوس مع سعد وأعادا قراءتها فبدلاً من أن تساعدهما على فهم أي شيء زادت اسئلتهما "أمك كانت مع عمتك فاتخنقت .. عايز تعرف إيه اللى حصل وتنقذها، فتح مخك وهتلاقي في نفسك اللي ما تتخيلهوش بس لازم تعرف إنك هاتهد حياتك القديمة كلها .. حصلني"


-                قال أحمد بحزن: ما هي اتهدت فعلاً خلاص .. يا ريتني ما نزلت وراك يا حسن.