الثلاثاء، 17 فبراير 2015

موسيقي الوداع






ارتفع صوت طبول الحرب، الاراضي تتساقط من حولك في يد عدوك الذي يتوسع بكل وحشية تنبأ بحماقه لا حدود لها، او ثقه مرعبه، الحرب العالمية الأولي تجاوز عدد ضحاياها 9 ملايين شخص، والثانية تجاوزتها لتثبت تطور الوحشية البشرية ليقترب الرقم النهائي من عشر أمثال سابقه، ربما تقام الثالثه او لا ولكن ذلك لن يمنع ان تكون احد الضحايا المترقبين في اي لحظه فالدم يتناثر بلا خجل، بلا رادع، ومن يتحدث عن وقفه هم سافكيه في مواقف أخري تعلو فيها مصلحتهم عنه، ما كلماتهم وافعالهم الأن سوي تمثيلية لحفظ ماء وجوههم، تلك الوجوه الزائفه ذات التعبيرات والنظرات المحسوبه لنتائج سياسية مرجوة.


لملم الأزهار التي كنت تجمعها لبهجتك بالحياة ووزعها علي قبور من رحلوا بدون ذنب، لملم الأزهار جميعها لتوزيعها علي قبور من سيرحلوا قريباً او لترثية اهلهم -إن بقيوا- فالازهار ستصبح عملة نادرة غداً، فالأرض التي تروي بالدماء لا تنبت سوي الحزن والألم.


ارفع صوت الموسيقي حتي تعلو علي صوت طبول الحروب، توقف عن مشاهده سابقيك حتي لا تهلع واستقبل النهاية بقلبك حتي لا تذعر حين تقابلك بغتة كمليارات من قبلك. لا احد ممن يحكمك يهمه امرك، كل ما يهمه هو ان يحكمك، فأنت لست سوي عبأ علي كاهله امام المجتمع الدولي لا ضميره، مجرد رقم في تعداد بلده مسلوب الحقوق كملايين حوله. فلا تحزن علي حالك فالجميع مثلك.


لم تكن تحلم سوي بحياة كريمة تسعي فيها لتصبح ذو فائدة إنتاجية ما فلم تجد سوي الموت يلاحق افكارك وطموحاتك واحلامك وايامك ثم يمل منك فيلاحقك شخصياً لينتهي من أمرك.


ما كان إنتاج الارض من زهور الا لرثاء الراحلين، ولا من نسمات إلا للتخلص من رائحه جثث الموتي المتراكمة في كل الزوايا، ولا من مياة إلا لتخفيف لزوجة الدماء لتستطيع الارض إبتلاعها. وما إنتاج البشرية من فن وإبداع الا لتخفيف وطأة النهاية وتهيئة الجميع لها، لذا دعني مع موسيقي الوداع أقرأ كتاب يحكي عن بشر أكثر رقياً وأقل جوعاً للدماء فلربما يكون هذا الكتاب الأخير.