الأحد، 29 مايو 2016

المائة هي .. الغاية أم الوسيلة ؟



 المائة هي



        حين يعنون مقالاً بشيءٍ متعلقٍ بالغاية والوسيلة تقفز في الأذهان مقولة "الغاية تبرر الوسيلة"، ومن البداية أُطَمئنُكَ بأن الكلامَ الآتي ليس عن تلك المقولة، كما أني ضد هذا الكلام كمبدإٍ في الحياة، فلا منطقَ في أن أسرقَ لأحج أو أتبرعَ لمساعدةِ المساكين. ونحن بالتأكيد لسنا (روبن هود) لنسرقَ من الأغنياء ونتعفف عمَّا جنيناه من جريمتنا تلك، ثم نغدق بهذا المالِ الملوث على المنافذ الخيرية لا أكثر. 


كانت هناك مزحةٌ تقول " اشتكى شخص لصديقه من الأرق فنصحه الأخير بالعَدِّ إلي مائة وهو علي الفراش، ففعل بطلُنا ذلك بالفعل، ولكن حين وصل للخمسين شعر بالنوم يهاجم جفنيه، فصنع لنفسه كوبَ شاي ليُكمل العد". ربما تضحك أو تسخر من تلك المزحة، ولكنها حين قيلت لي وفكرت بها وجدتها تطرح بداخلي سؤالاً محيراً. 


هل يمكن أن تنشغل بالتفاصيل لدرجة أن تنسى الهدف؟

 
للاسف حدث بالفعل، تأمل من حولك، ستجد أن الأمر تفاقم بشكل مخيف، كيف يتحول شخص سعى لكسب المال - لحياة كريمة - إلي شخص طماع جشع لا تشبعه أموال الدنيا مهما تكتلت لديه وغيرت مسار حياته، أو إلى بخيل مقطر يرى ما يجمعه هو كنزه الذي لا يجب أن يفرط به لأي سبب كان، ولو أدى ذلك لمعاناة من حوله وفي رعايته، أو مجرم لا يتوانى عن السرقة أو النشل أو النهب أو الاختلاس أو حتي القتل لزيادة رصيده بالبنوك، أو حمايته ممن يهدده به. 


وبعيداً عن المال تَرى الشبابَ الذي يعاني من الفراغِ المستمرِ يُقْدِمُ علي الشبكة العنكبوتية ليلتهيَ بها وفيها عن واقعِه المُزري، أو المُحبِط، أو الممل، فيفقد نفسه وعمره وأيامه ويقضي سنوات لن يعرفَ قيمتَها أو فداحةَ ما خسره بخسارتها إلا بعد أن يَخُطَّ المشيبُ فودَيْه. وهذا الذي يُدمنُ مسابقاتِ المكسبِ السريعِ بعد أن أغرته في تحقيقها له غايته، فأدمنها هي ذاتها، وهي لا رجاءَ منها بالحقيقة. وهناك عشراتُ الأمثلةِ الأخرى التي ينطبق عليها نفس الموقف. المشكلة الآن - ببساطة - ليست براءة الوسيلة مِن دَنَسِها، بل أصبحت المشكلةُ هي إدمان الوسيلةِ ذاتِها مع فقدِ الغايةِ أو نسيانِها، لذا هل تدري الآن: هل كانت المائةُ غايةً أم وسيلة؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق