الأحد، 29 سبتمبر 2013

قصص قصيرة جداً 2












في الشتاء القارس ليلاً، رجل و امرأه عجوزان، جالسان بالقرب من بعض، علي اطراف حديقه في ميدان في منطقه هادئه نسبيا، السيارات تمر من جانبهم في هدوء حينا ، و في سرعه احيانا اخري غير عابئة بكم الهواء الذي تحركه نحو هذان المرتعدان بردا . جالسان متجاوران ولكن غير متلامسان ، طلباً للدفأ متجاوران، خوفاً من ظنون المجتمع اللانساني غير متلامسان، و يرتعد جسديهما من البرد . يحمل في يديه الورد و الياسمين و تحمل في يديها كيس مناديل . و رغما عنهما في هذا البرد الشديد و بموافقه مجتمع حضري جامد القلب متجلد المشاعر يتسولان .



..........................................





جالس مع حبيبته علي الكورنيش فسمعوا اغنيه "لما النسيم " لمحمد منير

هو : أنا بحب الأغنيه دي جدا

هي: و أنا كمان

هو : محمد منير ده عظيم ، أختياره للكلمات فوق الطبيعي

هي: و الموسيقي و صوته و أحساسه في أغانيه ميتوصفش

هو : بس الأغنيه دي ليها وضع تاني معايا

هي: أشمعني

هو : اقولك بس متزعليش مني

هي: قول

هو : أصل مفيش واحده تستاهلها

هي : نعم ؟

هو : دي تتغني لواحده من حور الجنه مش من ستات الأرض

قالت و هي تدفعه في النيل : روح غنيهالها



............................................





- إنتِ ندي ؟

- نعم .. مؤكد أنتِ مريم ؟

- ذكية أنتِ

- يا ليت ذلك الذكاء كان بفائده

- ماذا قصدين ؟

- في بلادنا العربيه مهمة المرأه أن تُسبي لتخدم .. فهل تُسبي الأذكياء ؟

- أيعني ذلك أنكِ ترغبين في أن تكوني من السبايا الخادمات و ذكاءك يمنعك ؟

- ذكائي يكرمني و يمنعني م هذا المصير و رغما عني يبقيني لوحدتي . إنهم يخشوننا أذكياء



..........................................



  
لطالما اغضبها خطيبها الأول لأنه يحبها في خياله فقط و لا تستشعر هذا الحب و هي معه .. طالبته ان يعيش الواقع معها و يترك خيالاته ... كانت تخاف ان يكون خياله عنها اروع منها فيُصدم بها في اي تصرف لها .. ترجته أن يحبها كما هي لا كما يتخيلها .. ثم رحلت عنه حين يأست منه .



اما خطيبها الحالي الذي أحبته كثيرا ... لكثر غيابه وجدت نفسها هي من تحب خياله فتتأمل في صوره
 و كلماته طويلا . وحين يكلمها تصمت ، تشعر بالعجز ، تشعر بالغضب لغيابه وتصمت لأنها تعلم انه ليس بيده شئ في البعد . ومع الوقت اصبحت تهمله وتهرب منه في الواقع و تحبه في خيالها فقط .



..........................................





في اخر رساله لها قالت كلام قاسي، أدري و تدري انها لا تقصده وكان الكلام نتيجه بعدي عنها، الذي كان رغما عني للظروف، و هي تدري ذلك ايضا، فلم أرد حتي لا ازيد الجرح لها او لي، و تركت الامر لأنها ستهدأ و تعتذر كعادتها و يمر الموضوع.



و مر يوم و الثاني دون ان تعتذر او ترسل لي أي شئ ، و كلما هممت بمراسلتها رأيت رسالتها الأخيره فمنعتني . و استمر الصمت



..........................................





كان الصغير أحمق .. يشعر بالحنين لأقاربه .. يرغب أن يودهم و يزورهم أسبوعياً . بل و يري أن أبواه مقصران تجاه أقاربهم و أخواتهم .



كبر الصغير وسأل أباه لما تلك القطيعه فجلس معه ليحكي له سبب ذلك و ما كان منهم تجاه أسرتهم و كيف أساءوا لهم كثيرا .



لم يعد الفتي يشعر بالحنين .. بل أصبح يشعر بغصه كلما رأي أحد منهم صدفه أو في لقاءهم السنوي . وغضب من نفسه لأنه سمح للفضول أن يلوث سريرته تجاه من يشاركونه الدم .



..........................................





قال الأب لأبنه و هم جالسان في القطار حين لاحظ أبنه يرمق الأغنياء في حسد و حقد وحسره

- يا بني ترفع و تعفف

- يا أبي التعفف يأتي بعد الغني لا مع الحرمان

- الرضا و القناعه سمه الفقراء و كلنا فقراء لله

- نعم فقراء لله و لكن الله لم يُحرم علينا ان نكون أغنياء في الأرض

- القنوع غني مهما قل زاده و الغني جائع مهما أمتلك

- لا .. هناك من الأغنياء صالحين

- لكنهم دوما محرومون سواء من الصحه او الأطفال أو الراحه أو العائله أو الحب أو ...

- كفي يا أبي .. نحن المحرومون ، محرومون من أنسانيتنا و من كرامتنا و من راحتنا و من أن نجد من يشاركنا القلب و السكن لضيق الحال  سكن ؟ نحن محرومون أصلا من كريم السكن .

- ألا تحبني يا ابني ؟


- ماذا ؟ نعم أكيد أحبك يا أبي

- إذا الله عافانا من المرض و أهدانا الحب ونحن عائله لبعض و صدقني أنت لم تذق مرار الحرمان من إياهم . إنه علقم يا صغيري .

- أشعر بالذل من سكننا و الوحدة منذ وفاه أمي و لن تقبل أي فتاه مهما أمتلكت من الطيبه و القناعه و الزهد أن تشاركنا تلك المعاناه .

سيجازينا الله خير علي صبرنا و سيمنحنا خير السكن و الرفيق في جناته

- و الدنيا يا أبي ؟

- زائله و زائفه يا صغيري . لا تنخدع ببريقها.

- لا أدري .. و لكن سأحاول

- صبرك الله و أعانك و أزاحني عن كاهلك يا صغيري لتحيا بدون عبأ

- لا تقل هذا يا أبي فأنا سأموت من الوحده بدونك فأنت كل من لي .

و أنقلب القطار


..........................................





كانا الصغيرين في طريقين متعاكسين ، هو بكل جموحه و هي بكل انطوائيتها تقابلا في نقطه

و تبادلا قليل الكلمات و كثير النظرات .

و لكن اختلافهم اخمد اعجابهم ببعض فأنطلقا كلا منهم يكمل طريقه وحيداً حاملاً بداخله اهة شجن .

و بعد سنوات لأن الأرض كرويه تقابلا مجدداً ، بعد أن أنهكه جموحه و كسرت الحياه أنطوائيتها ليتبادلا كثير الكلام مغمضي العين متعانقان .



..........................................




نظر اليها صامتا ، فبادلته النظر بصمت ، يحمل كلاهما حزن جارف و خائف أن يتحدث فيخرج هذا الحزن مغرقاً محدثه الضعيف بسبب الحزن ايضا .

كيف يساعد بعضهم بعض و كلهما ممدد علي احدي جانبي الطريق غير قادر علي رفع رأسه . حتي الأنين حبساه حتي لا يثقلا علي بعض .

فماتا في مكانهما


..........................................





ظلت تتابع حياته من بعيد ... تشعر بالذنب لتدهورها و تلوم نفسها علي ما وصل حاله له بدونها . تحثه احيانا علي التمرد ليعود لها و ستعوضه عن خطأ رفضه القديم.

و في لحظه صدق أنتبهت لمدي العبث الذي يحدث ... لن يعود لها ابدا مهما حدث فقد كان اضعف من ان يتمسك بها حين حدثته باكيه تعتذر عن خطئها و تطلب منه البقاء معها .

و ضعفه ذلك ترائي لها كثيرا في الكثير من المواقف في حياته و لامت وقتها نفسها علي انها السبب ... لكن الحقيقه انها لو كانت معه كانت ستعاني من هذا الضعف في حياتهم او ربما تحولت لوحش أنثوي مستغله هذا العيب الخطير فيه .

تدهور حياته ربما لها جزء فيه و لكن الباقي له فهو من قبل انصاف الحلول و نصف السعاده و نصف المشاعر لتستمر حياته كما كان من قبل ان يلتقيها ... نصف حياه







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق