الاثنين، 16 ديسمبر 2013

رواية اللعنة (7)








لم يلبث  انقطاع الكهرباء ثوان  حتى عمل بشكل تلقائي مولد الطاقة الاحتياطي، نظر أحمد حوله و جد أن  كل شيء يسير بتلقائية كأن  لا شيء قد حدث و لكن أخته اختفت و لن يسأل عن مكان  الحمام النسائي أو يتصل بها بعد ثوان من رحيلها . فأوقف أول ممرضة مرت بقربه و سألها عن أضرار  الآن قطاع المفاجئ فطمأنته و قالت لا شيء فالمولدات الاحتياطية كثيرة هنا لتكرار  انقطاع الكهرباء مؤخراً و  أن  جميع الأجهزة بالمستشفى تم تزويدها ببطاريات خارجية قابلة للشحن تعمل لمدة 5 دقائق بعد  أنقطاع الكهرباء لتفادي أية أضرار قد تنتج عن تاخر عمل المولدات الكهربائية فابتسم أحمد و عاد للمنضدة و قد نسى أمر ندى فاستغرب سعد مودتة المبتسمة بعد رحيله المقلق فجلس أحمد موجهاً كلامة لعادل :



-           أجيبلك آيس كريم يا عادل؟



 انتبه عادل من شروده الطفولي على كلمة آيس كريم التي لحق بها اسمه  فقفز فرحاً موافقاً فاخرج أحمد 5 جنيهات و أعطاها له و أشار إلى طابور في مواجهتة فانطلق عادل فرحاً و أحمد مازال مبتسما .



-         إيه الكرم دا يا أحمد والتغيير المفاجيء، ماشي سرحان راجع فرحان  .. خير ؟

-         لسة فيه أمل يا سعد.

-         فيه الممرضة الحلوة اللي كنت و اقف معاها؟

-         قصدك إيه ؟

-         مش عليا يا أحمد .. دا  انت طرت أول ما شوفتها و لولا  أن  النور قطع كنت خبطتها.

-          انت فهمت غلط

-         طيب فهمنى  انت الصح



حكي أحمد ما قالت له الممرضة و هو فرح و سعد مبتسم بلؤم ساخر





-           يا راجل ..دا  أنا افتكرتك جبت رقمها، تقولي  أن  شباب مصر مبدعين في حل المشاكل بس عايزين فرصة.. إيه الجديد اللي جبته ما هودا معروف من زمان .

-            أنافرحان  علشان  لقيت حد هنا إداهم الفرصة دي.





....................................



وقفت ندى مع الفتى ذي العيون الزرقاء في الطابق الذي به غرفة أمها بعيداً عن باب الغرفة بجانب الدرج دامعة العينين تقول بتأثر له و هو مهموم



-           يا حسن ما ينفعش دلوقتي

-           لازم أصلح اللى عملته

-           بابا لسة جوة

-           مش قادر استني أكتر

-            انت كدا ها تأذيها

-           لأ و  بطلي خوف

-           ماما حاسة بينا و  لو حصل أي شد بينك و بين بابا جنبها ها تتعبها أكتر و هي مش ناقصة

-           خلاص قوليله يخرج من الأوضة

-           إزاي يعني

-           خلاص أدخل  أنا

-           لأ


لفت خلافهم رغم  انخفاض صوته  انتباه المحيطين و  لكن لم يقترب منهم أحد رغم ارتفاع همساتهم بشأنهم، كانت ندى ترى باب غرفة و الدتها من بعيد فلاحظت فتح الباب فدفعت حسن للدرج حاثة إياه على الصعود فرضخ على غير رغبة فلم يره أبوها و هو متجه نحو الدرج و  نحوها و لاحظ اضطرابها فسألها عن السبب فسألته هي عن حالة و الدتها بعد  انقطاع الكهرباء فطم أنها  و نزل نحو الكافتيريا فتنفست الصعداء ثم  انتفضت مذعورة حين و ضع حسن يده على كتفها فابتسم لها بإرهاق و مسك يدها و جرها خلفه بسرعة متوسطة نحو غرفة أمها ثم فتح الباب لتجد أمها و اعية تحدق بها فتركت يده و  ركضت نحوها بعيون دامعة تحضنها و تقبل و جهها و يدها و هم تتمتم بكلمات الحمد و  بلفظ ماما بينما و قف هو يحدق بهم فانتظرت الأم حتى  انتهت موجة مشاعر ابنتها ثم أشارت لحسن بالاقتراب فاقترب في تردد محنى الرأس حتى و صل بجانبها فابتسمت و  في حركة سريعة مباغتة ، مسكت أذنه و جذبتها بعنف و هي تعنفه بمزاح



-           ينفع كدا يا حسن، كنت ها تموتني علشان  غضبان



فقال و هو يتأوه متأسفاً دون  أن  ينتبه للهجتها المازحة



-           والله ما قصدت يا ماما،  أناكنت غضبان آه بس ما  انتبهتش خالص للجهاز



تركت أذنه و احتضنته  بحنان هو يكرر أسفه بشكل تلقائي "آسف يا ماما سامحيني" و لم ينتبها لدخول أحمد الذي و قف أمامهم مذهولاً لدقيقة و قد أخرست المفاجأة ندى.

  
....................................



جلس كل من سعد و عادل و  أبوه على طاولة و احدة صامتين، و  لكن التوتر كان  يعصف بسعد لنظرات عمه النارية التي يحدقه بها من و قت لآخر و  لم يستطع  أن  يكسر هذا الجو مزاح سعد مع عادل أو محاولته الوحيدة للمزاح مع عمه أو كلمات التخفيف و التعزية .



طلب عادل بصوت عال الدخول للحمام فقام سعد و  لكن أوقفته إحدى الممرضات التي أوقفها طلب عادل أثناء مرورها بجانبهم فعرضت بابتسامة و اسعة  أن  تأخذه لهناك .



إشتد الموقف توتراً برحيل عادل ثم كسر رؤوف "الأب" هذا الصمت بأسئلة متتابعة لسعد لم يستطع  أن  يجيبها كلها لأن  صمته للتفكير كان  كالدعوة لعمه لطرح سؤال آخر دون انتظار إجابة السؤال السابق



-            انت إيه اللي أخرك على عزا أمك ؟

-           الطيران كان  و اقف و ..

-            انت آخر مرة كلمتها إمتى ؟

-           قبل انتحـ ..  موتها بأسبوع .

-           إخواتك عرفوا؟

-           لأ لسة .

-           ما قولتلهمش ليه ؟

-           أصل ..

-            انت مصدق  أنها  انتحرت؟

-           مش عارف .

-           مش عارف إذا كانت أمك تعملها و لّا لأ ؟

-           ........ 
-           هي قالتلك حاجة قبل ما تموت ؟

-           حاجة زي إيه؟

-           إيه آخر حاجة قالتها لك؟



صاح سعد و  هو ينتفض من كرسيه :



كفايه يا عمي ... موت أمي و خاصة بالشكل دا تاعبني أكتر منك مش معنى اني ساكت  و  بحاول اخفف عنكم علشان  ظروف طنط نبيلة اني مش حاسس بالحزن و  الدهشة من اللي حصل .. و  للعلم يا عمي أمي كانت بتشكي منك كتير في تليفوناتها الأخيرة.. إبقي ادعي  أنها  تسامحك و  انت بتصلي ؟



و ترك سعد المستشفى غاضباً دون  أن  يخبر أحداً بوجهته.



....................................



خرج عادل من الحمام فوجد الممرضة ما زالت في انتظاره فابتسم لها ببراءة و سألها عن الطريق نحو الكافيتريا فابتسمت و أشارت له نحو الاتجاة الأيمن و أصرت أن تمسك يده و تعيده بنفسها فرضخ مبتسماً و  سار معها، و لم يسيرا سوى خطوات قليلة في الممر الفارغ حتى ظهر فتى من الجهة المقابلة و  سار باتجاههما حتى و صل إليهما فكمم فم عادل بشكل مباغت و  حمله بقوة و  عادا معاً للحمام و الممرضة تراقب الطريق و  داخل الحمام الفارغ رش هذا الفتى من بخاخ في و جه عادل الذي استسلم مرغماً لقبضة النوم الإجباري العاتية ثم حمله على ذراعيه الاثنتين كمن يحمل طفله النائم و  خرج من باب جانبي للمستشفى بعيداً عن الكافيتريا و ما لبثت دقائق حتى رحلت الممرضة أيضاً بعد أن  أبدلت ملابسها في الحمام و  و ضعتهم في حقيبة اليد الخاصة بها الممتلئة بشتى  أنواع الأدوية.

....................................



نظر رؤوف "الأب" حولة منتظراً عودة عادل لفترة أقلقته فتوجه لأقرب عامل و سأله عن الحمام و ذهب إليه  فلم يجد الصغير مما زاد من قلقه فتوجه لغرفة زوجتة ليفتحها بسرعة فيصدمه ما رآة و يمنعه من التكلم بل و  يشغله عما أتى مهرولاً لأجله فقد و جد أحمد و  حسن جالسين على الفراش بجانب زوجته التي خرجت من غيبوبتها الطويلة و  ندى تجلس على الكرسي المجاور للفراش. ينتقل بشدة و  سرعة بين مشاعر مختلفة من الغضب و  السعادة و  الحيرة و  أمام هذا التجمد تجمد كل شيء في الغرفة فالكل صامتون ناظرزن له منتظر ينأى رد فعل منه لمدة ثوان مرت كساعات و  لم يخرجهم من هذا سوى عيناه التي أدمعت رغم نظراته الغاضبة فابتسمت زوجته نبيلة بحن أن  مفرط أعاده إلى وعيه فنظر لندى و  تكلم بجدية مصطنعة



-          انت مشوفتيش عادل ؟



فقام الكل مفزوعا فأمرهم بالبحث عنه بالمستشفى و  خرجوا و تركوه و حده مع زوجته فتصلب قليلاً أمامها ثم اندفع نحوها و  احتضنها بشدة و  هي تبادله الهمسات الغير و اضحة لأكثر من عشر دقائق و لم يقاطع ضمتهم سوى دخول أحمد و  سعد لاهثين و  خلفهم ندى باكية و قالوا بأنفاس متقطعة :



-         عادل اختفى من المستشفى كلها.


هناك 6 تعليقات:

  1. قصةحلوة اوي بس كنتي بتتأخري علينا :) يترى لسه فاضل فيها كتير والنسخة الورقية هتنزل امتى؟

    ردحذف
    الردود
    1. https://www.facebook.com/Author.Shrouk.Elhamy/posts/2783043945264857

      حذف
  2. سعيده انها عجبتك يا دعاء ... معلش انها خدت مني وقت لغايه ما اتكتبت .. ربنا يسهل و الكتاب يبقي في المكتبات خلال 2014

    تحياتي

    ردحذف
  3. انا قرأتها بالصدفة على الفيس وشدتني من اول جزء وماقدرتش غير انى اكمل الست اجزاء ورا بعض
    وسعيدة لانى لاقيت السابع هنا ...الحبكة هايلة ووقفاتك كمان ... بالتوفيق دايما :)

    ردحذف
    الردود
    1. رب صدفه خير من الف ميعاد ... سعيده جداً برأيك :)

      حذف
    2. https://www.facebook.com/Author.Shrouk.Elhamy/posts/2783043945264857

      حذف