الخميس، 26 ديسمبر 2013

25 حبه





- انتي عارفه اني هنا دلوقتي علشانك
- لاحظت
- و بقالي شهر باجي هنا علشان اشوفك بس انتي منتبهتيش ليا خالص
- لأ أنتبهت
- ازاي ؟
- نظراتك فضحت أهتمامك
- ليه بتقعدي لوحدك ؟
- ملكش دعوه
- بعد كل ده  مش عايزه تكلمي
- طيب ... هي قصه طويله ملخصها اني بهرب هنا من الناس وبدور علي حل لمشكلتي 
- وهي ؟

أتي النادل ووضع أكواب العصير التي تطفو علي سطحها مكعبات الثلج الصغيرة فطلت من عينيها أشباح سوداء شديده الطول تأملتنا بسخريه ثم عادت لعينيها و توارت مجدداً فتنهدت الفتاه بعمق تنهيده حارة أذابت الثلج في كوبها ففاض و لكنها لم تعبأ لذلك . 
كانت بيضاء شديدة النحول و الشحوب ، كنت أظن هذا البياض الشاهق مساحيق تجميل و لكني حين جلست معها اليوم عن قرب وجدت ان وجهها يخلو من اي مساحيق ، بل يخلو من الدمويه نفسها ان رغبت توضيح أكثر ، كممثلي أدوار مصاصين الدماء . شعرها اسود قصير يتراقص بحريه علي جانب وجهها ، وخلال الشهر الذي جلست اتابعها فيه رأيته في عده اشكال فقد كانت تعقصه حينا و تصففه احياناً و احيانا تتركه مبعثر و أعدت هذا الأمر وقتها لنفسيتها التي تعطيها بال رائق لتصفيفه او لا فهي بشكل واضح لا تعباً لنظرات أحد و تظل تتأمل النيل من السادسه حتي التاسعه في صمت بلا اي شعور بالملل .

أرتشفت من كوبها الممتلئ لنهايته بالماصه ليصبح العصير في مستوي معتدل ثم أحاطت الكوب بمنشفه المنضده و جففته و احتضنته بصعوبه بعدها بكفها الأيمن لصغر حجم يديها ثم مدت كفها الايسر و التقطت يدي ووضعتها علي عنقها بشكل أدهشني و أحرجني في 
ذات الوقت و قالت بجديه .

- فك العقد عن رقبتي

لأول مره أنتبه لتلك القلاده رغم انها ترتديها يومياً ، كنت اراها من مكاني البعيد من قبل كحبات لؤلؤيه الشكل بدرجه لون بيضاء داكنه تحيط بعنقها في دلال و لكن اليوم وأنا بجانبها رأيتها بشكل أوضح أفزعني ، تلك الحبات كانت جماجم صغيرة تصطف بلا ترتيب حول عنقها ، وكانت القلاده ضيقه بحيث انها يجب ان يكون لها طرف تفك منه لذا بتردد قمت ووقفت خلفها لأبحث عن هذا الطرف فلم أجده بنظري و ترددت أكثر ان المس رقبتها في اول مره اجلس معها فيها و لكن انحناءه رأسها للأمام لتسهيل المهمه لي دفعني لأن أكمل ما قمت لأجله فلمست القلاده أولاً و لكن أفزعني رد الفعل و جعلني أقفز للخلف بشكل ملف للأنظار . لقد أنكمشت القلاده نحو عنقها و كأنها ترفض ان يقترب منها أحد ، اقتربت بتردد أكثر و مسكت القلادة و لكن سعان ما سحبتها مجدداً حين وجدت ان فك كل جمجمه منهم بدأ يتحرك للأعلي و للأسفل و كأنها تعض شئ أو تهدد بعض أنامل من يقترب منها فوقفت أمامها منذهلاً فاغراً فاهي فعدلت الفتاه رأسها و مدت يدها مسكت زراعي و اعادتني للجلوس امامها و كنت أطيعها مسلوب الأراده كالطفل الصغير و عادت تشرب عصيرها تنتظرني حتي أفيق من صدمتي و قد أخذت دقائق حتي تمكنت من العوده لوعيي و ادراكي و تمكنت من صف كلمات في جمله ذات معني في رأسي لكي انطق بها فسبقتني هي و لغت جدوي تلك الجمله بكلماتها .

- ليه حكيتلك و انت اول مره تعرفني ، اصرارك هو اللي خلاني اقولك الحقيقه علشان أبعدك ، العقد ده جبته من سنين و كان كله كور مدوره زي لؤلؤ عادي و اللي ربطها استك متين سهل تشده و تشيل العقد ، عقد رخيص لفت نظري فجيبته مش اكتر بس من وقتها كل ما يموت قريب ليا يتغير شكل كوره منهم بس من غير ما ملامحها تبان و بعدين لاحظت ان الموت زاد قوي في حياتي و حياه المقربين ليا و الكور دي بتتغير واحده ورا التانيه ، خفت اه بس فضولي كان اقوي مني و اخر مره لبستها فيها والدتي ماتت و لقيت العقد قفش علي رقبتي و مش راضي يتخلع او يسمحلي انا او اي حد يقرب منه بعد ما حباته خدت شكل جماجم واضحه ، جربت كل حاجه و فشلت . العقد ده اشتريته من واحده كانت عدت عليا و انا هنا اول مره اجي فيها للمكان ده ، و من ساعتها و انا بدور عليها هنا او بدور علي جرأه تخليني اخلص من وجودي في النيل و انقذ الناس .

- تنقذيهم من ايه ؟
- من الدخول في حياتي 
- ليه ؟
- علشان ميخسروش اهاليهم .
- بس ...

و قبل ان اكمل جملتي رن هاتف المحمول ووجدت اخي يبلغني بوفاه احد اقاربنا مع ابتسامه جانبيه ساخره صغيره باهته كملامحها رغم انها علي مسافه مني تمنعها من سماع ما قاله اخي و لم ارد عليه بكلمات، ناهيك ان المكان عام و الاصوات حولنا تمنع ذلك تلقائياً.

- الحق أهرب بسرعه

فقمت بلا اي كلمات لست أدري أنادماً علي الشهر المهدر من حياتي علي امر مستحيل ام علي وفاه قريبي ام عليها . نقدت النادل تكلفه مشروباتنا و بعد ان سار نظرت لها نظره أخيره فوجدت رأسها محنيه للأمام وشعرها يغطي ملامحها ولكن قطرات سقطت وشت بأنها دموع و لكن بعد ثوان أعتدل رأسها و عاد لتأمل النيل في صمت .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق